إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 2 أغسطس 2016

برنت ناجتيجال يكتب: التواصل الخطر بين العرب وإسرائيل


صدق أو لا تصدق، إسرائيل والعالم العربى باتا الآن أقرب من أى وقت مضى، ففى الأسبوع الماضى قاد ضابط المخابرات السعودى السابق، اللواء أنور عشقى، وفدًا من الأكاديميين ورجال الأعمال إلى إسرائيل لعقد عدة اجتماعات، وقبل ذلك بأسبوع زار سامح شكرى، وزير الخارجية المصرى، مقر إقامة رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، بعد ٩ سنوات من الغياب، وبعدها انتشرت صورة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى تجمع بين نتنياهو وشكرى أثناء مشاهدة مباراة نهائى كأس أوروبا ٢٠١٦، وقبل بضعة أسابيع من هذا اللقاء أعلنت تركيا وإسرائيل تطبيع العلاقات بينهما، وأنهما على استعداد لإعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة (وذلك بعد قطعها حينما اعترضت البحرية الإسرائيلية سفينة مساعدات إنسانية تركية متجهة إلى غزة عام ٢٠١٠، ما أدى إلى مقتل ١٠ مواطنين أتراك)، كل هذه الأحداث جرت خلال الشهر الماضى فقط.
ويقول المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية، دورى جولد، وهو رجل نتنياهو الُمكلف بقيادة التواصل مع الدول العربية المعتدلة، إنه «منذ 20 أو 30 عامًا، كان الجميع يقولون إن وجود سلام بين إسرائيل والعالم العربى يتطلب حل القضية الفلسطينية.. ولكننا أصبحنا مقتنعين، على نحو متزايد، أن الأمر يسير على العكس تمامًا، حيث يتعين علينا خلق نظام جديد فى المنطقة، وهذا ما نحن بصدد القيام به».
وحقيقة أن إسرائيل تمد يدها للدول العربية لخلق نظام جديد فى الشرق الأوسط ليست مفاجئة، حيث طالما كانت إسرائيل على استعداد للبحث عن الصداقة أينما يمكن أن تحصل عليها، ولكن ما يثير الدهشة فى الأمر هو أن قادة الدول العربية باتوا مستعدين للمخاطرة بالشعبية داخل بلادهم من أجل قبول العروض الإسرائيلية.
ما معنى تحسن العلاقات بين إسرائيل والعالم العربى؟ هل نشهد تحول علاقة إسرائيل مع جيرانها؟ الأهم من ذلك هو هل ستنتهى عملية سد الفجوة بين إسرائيل وأعدائها التاريخيين بشكل جيد؟
وظهرت أولى علامات تحسن العلاقات بين إسرائيل والدول العربية قبل نحو عام عندما تشارك اللواء عشقى وجولد المنصة، فى واشنطن، لمخاطبة أعضاء مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية، وهو مؤسسة بحثية، ففى ذلك الوقت كشف الرجلان عن عقد ٥ اجتماعات ثنائية سرية بين البلدين فى الـ١٧ شهرًا الماضية، فى أماكن مختلفة فى أوروبا وآسيا، وأكدا أن الهدف من الاجتماعات كان مناقشة تحديين مهمين لكلا البلدين، وهما سعى إيران للهيمنة على الشرق الأوسط، وما يجب القيام به إزاء الانسحاب الأمريكى من المنطقة.
وصرح جولد، فى وقت لاحق، قائلًا: «من الواضح أنه كان هناك تقارب فى المصالح بين إسرائيل والعديد من الدول العربية السنية، نظرًا لحقيقة أن كلاً منهما يواجه تحديات مماثلة فى المنطقة»، وقد أدت هذه التحديات المزدوجة لقيام تحالف مؤقت بين إسرائيل والسعودية وغيرها من الدول العربية السنية فى الشرق الأوسط.
ولأن الولايات المتحدة لم تعد يُعتمد عليها فى مسألة مواجهة تصاعد النفوذ الإيرانى فى المنطقة، أو حتى مسيرتها لامتلاك سلاح نووى، فإن الدول العربية وإسرائيل تعمل على عملية الدفاع الخاصة بها.
إسرائيل، القوة النووية الوحيدة فى الشرق الأوسط، قادرة على توجيه ضربة عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية، والمملكة العربية السعودية وتركيا ومصر هى فقط من يمكنها توجيه ضربة مماثلة، ولكنها لا ترغب فى التعامل مع التداعيات التى من شأنها أن تنتج عن مثل هذه الضربات.
أيضًا، تود إسرائيل وتركيا والسعودية رؤية سقوط وكلاء إيران فى سوريا ولبنان من السلطة، وبلاشك بحثت فى سبل تحقيق ذلك، وهناك مواءمة واضحة فى المصالح بين إسرائيل والعرب فى هذين الأمرين.
ومع ذلك يجب أن نكون على يقين من أن العرب لن يتحدثوا علنًا مع الإسرائيليين فى حال وجدوا أى وسيلة أخرى لمواجهة إيران، ولذا فإن رؤيتهما معًا تكشف عن مدى العجز والتهديد الذى يشعر به العرب الآن، وهنا يكمن الخطر فى تحسن العلاقات مع الدول العربية، فالدافع وراء هذا التحالف هو الخوف، وليس تغييرًا فى قلب العرب تجاه إسرائيل، فالخطر فى التحالفات التى تقوم على تقارب مؤقت فى المصالح، وليس على أساس القيم المشتركة، هو كونها تحالفات مؤقتة فقط.
وبطبيعة الحال، فإن المسؤولين عن السياسة الخارجية الإسرائيلية يعترفون بهذا الواقع، ومما لاشك فيه سيستمرون فى التعاون مع العرب كلما استطاعوا، ولاسيما بالنظر إلى الخطر الأكبر الذى يواجههم فى ظل الصعود الإيرانى فى المنطقة.