إذا كنت تعمل كصحفي حر وتراسل مؤسسات إعلامية بالخارج بصفة دورية، ولكن غالباً ما تواجه مقترحات قصصك المرئية الرفض أو عدم الاستجابة، لربما يكون الأمر محبطاً ومسبباً لحالة من التشكيك في قدراتك الصحفية. من أجل ذلك، عليك أن تدرك أن هناك جوانب أخرى ومعايير اختيار تختلف من مؤسسة إعلامية لأخرى، بالتالي يجب أخذها بعين الاعتبار.
ناقش المحرّرون المفوّضون من خمس محطات فضائية عالمية، خلال إحدى جلسات ملتقى شبكة (أريچ) السنوي السابع للصحفيين الاستقصائيين العرب، الذي عقد الأسبوع الماضي في عمّان، الأردن أهم ما يجب أن يتضمنه طرح الأفكار لقصص إستقصائية متلفزة وما هي المواضيع التي تهم الوسائل الإعلامية في الشرق الأوسط.
مارك بيركينز، مدير الأفلام الوثائقية، بي بي سي النسخة العربية:
يقول بيركينز هناك المئات من الأفكار التي تصل إلى مكتبه يومياً. قبل أن يحدد مصير أي فكرة منهم هناك ثلاثة أسئلة رئيسية يسألها لنفسه:
أولاً، من هو المتهم؟ هل هذه الفكرة تحاسب شخصاً واضحاً؟ هل تحاول أن تضع شخصاً مسؤولاً في السلطة أمام المحاسبة؟
بحسب بيركينز يعتبر ذلك السؤال هام جداً، حيث أنه يفصل بين أفكار الأفلام الوثائقية العادية والتحقيقات الاستقصائية. وينصح بأن يقوم الصحفي بتقسيم هؤلاء الأشخاص إلى قسمين: خاص وعام.
المتهمون من القطاع الخاص، ربما يكون مدير مصنع يقوم بتعذيب العمال أو مدير شركة يقوم بأعمال مخالفة للقانون. أما المتهم من القطاع العام ربما يكون شخصاً مسؤولاً في الدولة عن خطأ ما يحدث.
"أغلب الأفكار التي تأتي إلينا تركز على القطاع الخاص،" يقول بيركينز. "لكن ما أبحث عنه دائماً هي الأفكار من النوع الآخر التي تتهم السلطة وتبيّن الفساد فيها."
ثانياً هل تثير الفكرة اهتمام عامة الناس؟ ويقصد بذلك هل هذه الفكرة حقاً مهمّة؟ يشير بيركينز أن التحقيقات تكلفهم الكثير من النفقات وذلك يتطلب منهم التفكير جيداً في أهمية الفكرة قبل البدء في تنفيذ أي خطوات. كما هو الحال بالنسبة للصحفي الذي يجب أن يدرك أهمية الفكرة قبل البدء في أي مغامرة جديدة قد تعرض سلامته للخطر.
ثالثاً، من هم الأشخاص الرئيسيين في القصة؟ يمكن أن تكون الفكرة مثيرة للاهتمام ولكنها لا تتصل مع الجمهور إنسانياً. إذا كانت الفكرة تتناول مثلاً الأرقام والإحصاءات الضخمة، فمهمة الصحفي أن يحيي تلك القصة بالبحث عن أشخاص حقيقيين وراء تلك الأرقام.
ديرمود جيفريز، مدير برامج التحقيقات، الجزيرة الإنجليزية:
في حالة كانت القصة ذات أهمية واضحة ولها صلة بالأحداث الجارية، يقوم تلفزيون الجزيرة بإعداد تقارير سرية وتحقيقات باستخدام كاميرات خفية. ينصح جيفريز الصحفيين الذين يريدون التعاون معهم، عبر إرسال أفكارهم، بتوضيح أدلّة تؤكد صحة فرضيتهم، بالإضافة إلى توضيح كيفية الوصول وإتاحة المصادر التي تساعدك على إتمام القصة.
"أحيانا نقسو كثيراً على صانعي الأفلام عندما يأتوا إلينا بأفكار جديدة، لكن في النهاية يكون ذلك في صالح جميع الأطراف لأننا نضمن بأن القصة تسير على خطى سليمة،" يضيف جيفريز.
أما عن طريقة إرسال فكرتك فيقول إنه أمر في غاية السهولة، حيث كل ما يتطلبه ليس أطول من ثلاثة فقرات توضح بهم الخطوط العريضة لفكرتك. إذا تمت الموافقة عليها سيعود إليك المحرر ويطلب منك كتابة مذكرة أكثر تفصيلاً عن المشروع.
بحسب جيفريز، يجب أن تحتوي تلك المذكرة على أهم الأشخاص الذين تريد تصويرهم في الفيلم، وخطة الوصول إليهم، ليس فقط من خلال إجراء مقابلات شخصية بل أيضاً عن طريق مشاهد أخرى سريّة وراء الكواليس، بالإضافة إلى تقدير تقريبي لتكلفة المشروع.
كما انتقد بعض الأفكار التي تأتيهم، قائلاً، "هناك 300 مليون مشاهد للقناة وذلك يعتبر رقم بالغ التأثير، على الرغم من ذلك ما زلنا نفتقد القصص، وذلك أمر حاسم بالنسبة إليّ."
ديما ترحيني، مقدمة الأخبار الرئيسية، DW بنسختها العربية:
يختلف الأمر كثيراً بالنسبة لترحيني حيث أنها أشارت إلى بعض الحيل والتفاصيل التي قد تبدو بسيطة لكنها تهم فريق DW بقدر ما يهمهم مضمون الفكرة. وقالت، "أن 90٪ من الأفكار لا نستطيع قراءتها ليس تكبراً منا ولكن نظراً لضيق الوقت وكثرة ضغوط العمل، وأن طريقة تقديم الأفكار لا تجذب اهتمامنا بدرجة كافية.
تفضل ترحيني الإيميل كأفضل وسيلة للتواصل وإرسال الأفكار حيث أن ذلك يعطيها وقتًا كافيًا لتدرك مدى أهمية القصة المطروحة بالنسبة للجمهور. كما تقترح البحث الجيد لمدة لا تقل عن أسبوعين عن هوية البرنامج الذي تريد التعاون معه وطريقة تناوله للأخبار وما هي أهم القصص التي يركز عليها، وأخذ وقت كافي في التفكير في طريقة تقديم فكرتك.
ضع في عنوان الرسالة شيئاً يثير اهتمام المحرر، ويجب أن توجه رسالتك لاسم واضح بدلاً من «إلى من يهمه الأمر». ثم قم بتقديم نفسك للشخص الذي تريده باختصار وكن صريحاً في خطتك، إذا كانت الفكرة حصرية لهذا البرنامج أو كنت تنوي إرسالها لمؤسسات أخرى، وأخيراً إقترح جدول زمني تستطيع إنجاز القصة خلاله.
لو لم يقم المحرر بالرد على رسالتك، تقول ترحيني أنه غالباً ما يكون ذلك لضيق الوقت ليس أكثر، فكن مؤمناً بنفسك وبالفكرة، ومن الأجدر أن تقوم بإرسال رسالة أخرى للمتابعة.
نيلز هانسن من STV في السويد:
إذا كانت فكرتك ضعيفة فبالطبع لن نقبلها وإذا كانت جيدة قد لا نقبلها أيضاً! نحن نتطلع دائماً إلى أفكار "عبقرية"، بهذه الكلمات افتتح هانسن مجموعة نصائحه. وأوضح أنهم دائماً يبحثون عن أفكار تضيف للجمهور شيئاً لا يعرفه، ويريدون معرفته وينبغي معرفته، ولن يستطيعون معرفته إلا عن طريق شاشتهم.
أهم التحديات التي تواجه الصحفيين المستقلين عند طرح أفكارهم لدى STV على حد قول هانسن، هي عدم القدرة علي توضيح الفكرة. لذلك ينصح بتقديم فرضية واضحة في جملة واحدة على الأكثر توضح من خلالها فكرتك، ويمكن أن يكون هناك أكثر من فرضية لتنفيذ الفكرة.
على الصعيد المحلي يذكر هانسن أن هناك قضايا مثل البطالة في السويد يمكن تغطيتها ضمن عدة قضايا أخرى، أما على المستوى الدولي والإقليمي فهناك قضية تجنيد الشباب السويدي للقتال إلى جانب صفوف «داعش» مشيراً إلى أن هناك، حتى الآن 300 سويدي مجندين بسوريا والعراق.
هانا سترينغ من تلفزيون VICE - UK:
لم تختلف نصائح سترينغ عن سابقة زملائها المتحدثين، من حيث التأكيد على أهمية وضوح الفكرة وصلتها مع الأحداث الجارية والمتابعة مع المحرر، إلا أنها أكدت على ضرورة وجود خطة توضح كيفية إتاحة المصادر.
ذكرت سترينغ أن هناك بعد المناطق التي يصعب الوصول إليها في الشرق الأوسط، لذلك تسعى دائماً للبحث عن صحفيين محليين لإيجاد تلك القصص. من أهم القصص التي أشارت اليها كانت خاصة بـ«داعش»، وبعض القصص الأخرى مثل الهجرة غير الشرعية.
بالرغم من قصر مدة إطلاق وكالة VICE الإخبارية إلا أنهم تمكنوا من إنجاز عدة تقارير حصرية. تشير سترينغ إلى التقرير الوثائقي الذي تم إنجازة داخل سوريا لمدة ثلاثة أسابيع لتوثيق يوميات الأفراد داخل معسكرات المعارضة وأماكن تواجد «داعش» وأن تلك الفكرة طرحت عليهم من قبل إحدى الصحفيات المستقلات، وقالت أنها تأمل في أن ترى مثل هذه الأفكار في المستقبل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق