أكثر من عام ونصف العام من المغالطات والإصرار على خلط الأوراق بلا كلل أو ملل ومازالوا مستمرين. رغم كل الشواهد والحقائق مازالوا يمارسون هوايتهم فى قلب الحقائق والدفع بأقوال الحق التى يراد بها الباطل. لا تعنينى نية هؤلاء ولا التفتيش فى ضمائرهم، فقط أرد عليهم بما أدعيه علما وبحثا، بعيدا عن الكلام المرسل تارة بمخاطبة العواطف، وأخرى باستخدام الدين، وثالثة بالبكاء على الوطن المنهار الذى لا يقدره أبناؤه! فيما يلى أفند أكبر سبع مغالطات تتردد منذ يوليو ٢٠١٣ وحتى الآن بواسطة النظام وحلفائه والمدافعين عنه من مثقفين وفنانين وسياسيين وإعلاميين ومدعى التنوير. لست فى خصومة شخصية مع أحد ولكنى أدعى أنى أدافع عن نفس الوطن الذى يتباكون عليه مستخدمين كل الحيل والألاعيب عمدا أو جهلا أو سذاجة أو انتهازية.. العلم عند الله.
أول المغالطات التى يرددها هؤلاء أن المعارضين للنظام هم من الخلايا النائمة الإخوانية أو الطابور الخامس أو العملاء لجهات أجنبية ومخابراتية تسعى لهدم الوطن. تورط فى ترديد ذلك مفكرون كنا نحسبهم كبارا وإعلاميين أو هكذا يدعون، فضلا عن سياسيين اعتقدوا بسذاجة أن حرق الخصوم سيوفر لهم مكانا آمنا بجانب النظام. لن أعلق على مصير بعض هؤلاء الآن رغم كل ما قدموه من خدمات جليلة فى تشويه معارضى النظام، فلعل غيرهم يتعظ. ولكنى أعود للرد على هذه الاتهامات بأنها مجرد ترهات لا دليل عليها، فكثيرون من معارضى النظام الحالى ناصروه فى البداية ثم ثبت لهم خطأ حساباتهم، وكلهم خصوم أفكار الإخوان وسياساتهم، كانوا ومازالوا يذكرونهم بانتهازيتهم وشموليتهم التى أوصلت الأمور إلى ما وصلت إليه، لكنهم كانوا ومازالوا يتحفظون على سياسات الإقصاء والشيطنة ليس دفاعا عن خصمهم الذى طالما انتقدوه وثاروا ضده ولكن للحفاظ على مكتسبات ثورة كانوا يعلمون أن انحيازات النظام الحالى مجرد خطوة لتحويلها إلى شعارات خالية من المضامين. وقد كان. أما العمالة للخارج لو كان هناك قانون يحاسب هؤلاء على اتهام الناس بالباطل وبدون دليل لما تجرأ أحد على توزيع الاتهامات جزافا. ولو كانت حقائق لما ترددت أجهزة الدولة فى القبض عليهم حتى ولو بشكل تحفظى.
ثانى مغالطاتهم أنه إذا كان الأمن القومى فى خطر فلا حديث عن حقوق الإنسان! وهى العبارة التى نسبوها إلى رئيس الوزراء البريطانى وثبت كذبها ونفتها السفارة البريطانية والسفير البريطانى مرارا. لا يفهم هؤلاء أن حقوق الإنسان ليست موضة غربية أو رفاهية نخبوية كما اجتهدوا لاقناع الناس، ولكنها أحد أهم أعمدة الأمن القومى بمعناه الواسع، فانتهاكات حقوق الناس، بغض النظر عن خلفياتهم الفكرية أو انتماءاتهم السياسية، تهدر قيم العدل والقانون، ويدفع هؤلاء الضحايا للتطرف الفكرى والحركى مشتملا العنف والإرهاب. فأى أمن قومى حفظناه منذ ٢٠١٣ وحتى الآن؟ أى أمن قومى تحقق ومازال الإرهاب يضرب من الداخل ويحصد أرواح الضحايا؟ أى أمن قومى ومازال الشباب يتساقط قتيلا أو جريحا ومن يفلت يجد مصيره السجن؟ أى أمن قومى وكل هذا الشعور بالغضب يملأ النفوس؟
•••
أما ثالث المغالطات فهى أن المعارضين للنظام الحالى أو المتحفظين على سياساته لا يبكون لوقوع ضحايا بين رجال الجيش والشرطة، ويبكون فقط إذا ما سقط إخوانى هنا أو هناك. هذه ليست فقط مغالطة ولكنها انتهازية ومتاجرة بالأرواح أيضا، فالضحايا من جميع الأطراف هم وقود معركة حامية الوطيس يدفع الوطن ثمنها، لا تفرقة إذا بين الضحايا، لكن هناك فرق بين البكاء والشجب والاستنكار وبين تحليل أسباب العنف ودفع مختلف الأطراف إلى تحمل مسئولياتها القانونية والدستورية إزاء دماء هؤلاء، هناك فرق بين أن أتاجر بدم ضحايا رجال الجيش والشرطة وبين أن أبحث عن أسباب تزايد العنف والإرهاب وأحمّل النظام وسياساته القمعية المسئولية عن ذلك!
رابع هذه المغالطات أن المعارضين يدعون للمصالحة مع الإرهابيين، وهذه حيلة أخرى لخلط الأوراق، لا حاجة للتأكيد على أن أى إنسان عاقل يرفض الإرهاب ويشجبه ويستنكره، ولكن مرة أخرى هناك فرق بين أن أدافع عن الإرهاب والإرهابيين وهو قطعا مرفوض، وبين أن أدعو النظام إلى اتباع الوسائل القانونية فى ضبط وإحضار هؤلاء المتهمين وفى عدم شيوع الاتهام بالإرهاب وهى السياسة الفاشية الغبية التى تؤدى بالفعل لتزايد أعداد الإرهابيين وتجعل للعنف أسبابا منطقية عند الكثيرين. لا ندعو إلى المصالحة مع الإرهابيين، ندعو إلى تطبيق قواعد القانون والعدالة فى الاتهام والضبط والإحضار والمحاكمة، وندعو لدمج الملتزمين بالقانون حتى لو اختلفنا معهم فكريا حتى لا يصبحوا قنابل موقوته تنفجر، وانفجرت بالفعل فى المجتمع.
•••
خامس هذه المغالطات أن هناك مؤامرة على مصر تهدف إلى هدم الدولة والايقاع بمؤسسات الجيش والشرطة! وفى الواقع هذا ما نسميه قول الحق الذى يراد به الباطل.. هناك مؤامرة. وما الجديد؟ أى دولة محورية لابد وأنها تتعرض للمؤامرات، لكن هنا ثلاث ملاحظات: الأولى أن هناك فرقا بين الإقرار بوجود مؤامرات والبحث عن حلول إصلاحية ديموقراطية لسد الطريق أمامها، وبين الترويج لها وتسويقها بأسماء دعائية كأسطورة حروب الجيل الرابع واستخدامها كمبرر لاتخاذ مزيد من السياسات القمعية الفاشية ضد المخالفين. أما الملاحظة الثانية، فهى أن الداعين لإصلاح الداخلية وإبعاد الجيش عن السياسة لا يهدفون لهدم هذه المؤسسات، بل من يبررون القمع والتنكيل وخلط الحياة المدنية بنظيرتها العسكرية هم من يسهمون فى دفع هذه المؤسسات الوطنية إلى الهاوية لا قدر الله. إصلاح الداخلية ومنظومة العدالة ككل، فضلا عن دفع الجيش بعيدا عن حلبة السياسة، هو نداء للحفاظ على الدولة، هو السبيل الوحيد لتحقيق هيبتها، وليس العكس. أما الملاحظة الأخيرة فى هذا السياق أن الغالبية العظمى من الدول التى تم اتهامها بالتآمر على مصر هلل لها المغالطون حينما اقترب منها النظام وصالحها أو عقد صفقات سلاح معها. فهل يعقد النظام صفقات سلاح مع متآمرين؟ هل يصالحهم؟
ثم تأتى المغالطة السادسة لتحدثنا عن شباب مصر الذى يهدمه ربما عن عمد أو عن جهل. ونسأل هؤلاء من قتل شيماء الصباغ ومئات غيرها طوال السنوات الأربع الماضية؟ هل مازلتم ترددون أسطورة الطرف الثالث؟ هل تمت تحقيقات نزيهة ومحايدة؟ هل تم حساب أحد؟ هل تحمّل النظام مسئوليته؟ من السبب فى قبوع آية حجازى ومئات غيرها، فى الحبس الاحتياطى لما يقرب من تسعة أشهر دون محاكمة؟ من السبب فى إجبار مواطنين مازالوا فى طور الاتهام بنزع اعترافات مسجلة بواسطة الداخلية والتلفزيون المصرى وعرضها فى نشرات الأخبار؟ هل هذا قانونى؟ وإن كان لا فمن نحاسب إذا؟ لماذا يموت محمد سلطان بالتصوير البطىء فى محبسه؟ وما المطلوب من الشباب بعد كل ذلك؟
•••
ثم تأتى أكبر المغالطات وأخطرها: عليكم أن تساعدوا السيسى وتمدوا يدكم إليه فلن يفعل شيئا وحده وقد قالها لكم منذ البداية فلا تلوموه!... حقا؟ بالفعل؟ أسأل: من روج له إذا على أنه أسطورة شعبية مقدسة ومحمية من الإله لإنقاذ مصر؟ من ردد أنه لا يحتاج إلى برنامج سياسى بتوقيتات محددة للإنجاز لأنه رجل دولة قوى يعرف خباياها؟ من بذل الغالى والنفيس لتأجيل انتخابات البرلمان بحجة عدم تعطيل الرجل عن القيام بمهامه؟ من يحكم البلاد لشهور بسلطات تنفيذية وتشريعية وبمساندة إعلامية ودعم إقليمى غير مسبوق، من كان ومازال ينصحه بألا يكون له حزب سياسى لأنه لا يحتاج، ما الذى يقيده إذا؟ من الحاكم ومن المحكوم وما هى آليات كل ذلك أيها المغالطون؟
د/ أحمد عبدربه.
الشروق المصرية
ثانى مغالطاتهم أنه إذا كان الأمن القومى فى خطر فلا حديث عن حقوق الإنسان! وهى العبارة التى نسبوها إلى رئيس الوزراء البريطانى وثبت كذبها ونفتها السفارة البريطانية والسفير البريطانى مرارا. لا يفهم هؤلاء أن حقوق الإنسان ليست موضة غربية أو رفاهية نخبوية كما اجتهدوا لاقناع الناس، ولكنها أحد أهم أعمدة الأمن القومى بمعناه الواسع، فانتهاكات حقوق الناس، بغض النظر عن خلفياتهم الفكرية أو انتماءاتهم السياسية، تهدر قيم العدل والقانون، ويدفع هؤلاء الضحايا للتطرف الفكرى والحركى مشتملا العنف والإرهاب. فأى أمن قومى حفظناه منذ ٢٠١٣ وحتى الآن؟ أى أمن قومى تحقق ومازال الإرهاب يضرب من الداخل ويحصد أرواح الضحايا؟ أى أمن قومى ومازال الشباب يتساقط قتيلا أو جريحا ومن يفلت يجد مصيره السجن؟ أى أمن قومى وكل هذا الشعور بالغضب يملأ النفوس؟
•••
أما ثالث المغالطات فهى أن المعارضين للنظام الحالى أو المتحفظين على سياساته لا يبكون لوقوع ضحايا بين رجال الجيش والشرطة، ويبكون فقط إذا ما سقط إخوانى هنا أو هناك. هذه ليست فقط مغالطة ولكنها انتهازية ومتاجرة بالأرواح أيضا، فالضحايا من جميع الأطراف هم وقود معركة حامية الوطيس يدفع الوطن ثمنها، لا تفرقة إذا بين الضحايا، لكن هناك فرق بين البكاء والشجب والاستنكار وبين تحليل أسباب العنف ودفع مختلف الأطراف إلى تحمل مسئولياتها القانونية والدستورية إزاء دماء هؤلاء، هناك فرق بين أن أتاجر بدم ضحايا رجال الجيش والشرطة وبين أن أبحث عن أسباب تزايد العنف والإرهاب وأحمّل النظام وسياساته القمعية المسئولية عن ذلك!
رابع هذه المغالطات أن المعارضين يدعون للمصالحة مع الإرهابيين، وهذه حيلة أخرى لخلط الأوراق، لا حاجة للتأكيد على أن أى إنسان عاقل يرفض الإرهاب ويشجبه ويستنكره، ولكن مرة أخرى هناك فرق بين أن أدافع عن الإرهاب والإرهابيين وهو قطعا مرفوض، وبين أن أدعو النظام إلى اتباع الوسائل القانونية فى ضبط وإحضار هؤلاء المتهمين وفى عدم شيوع الاتهام بالإرهاب وهى السياسة الفاشية الغبية التى تؤدى بالفعل لتزايد أعداد الإرهابيين وتجعل للعنف أسبابا منطقية عند الكثيرين. لا ندعو إلى المصالحة مع الإرهابيين، ندعو إلى تطبيق قواعد القانون والعدالة فى الاتهام والضبط والإحضار والمحاكمة، وندعو لدمج الملتزمين بالقانون حتى لو اختلفنا معهم فكريا حتى لا يصبحوا قنابل موقوته تنفجر، وانفجرت بالفعل فى المجتمع.
•••
خامس هذه المغالطات أن هناك مؤامرة على مصر تهدف إلى هدم الدولة والايقاع بمؤسسات الجيش والشرطة! وفى الواقع هذا ما نسميه قول الحق الذى يراد به الباطل.. هناك مؤامرة. وما الجديد؟ أى دولة محورية لابد وأنها تتعرض للمؤامرات، لكن هنا ثلاث ملاحظات: الأولى أن هناك فرقا بين الإقرار بوجود مؤامرات والبحث عن حلول إصلاحية ديموقراطية لسد الطريق أمامها، وبين الترويج لها وتسويقها بأسماء دعائية كأسطورة حروب الجيل الرابع واستخدامها كمبرر لاتخاذ مزيد من السياسات القمعية الفاشية ضد المخالفين. أما الملاحظة الثانية، فهى أن الداعين لإصلاح الداخلية وإبعاد الجيش عن السياسة لا يهدفون لهدم هذه المؤسسات، بل من يبررون القمع والتنكيل وخلط الحياة المدنية بنظيرتها العسكرية هم من يسهمون فى دفع هذه المؤسسات الوطنية إلى الهاوية لا قدر الله. إصلاح الداخلية ومنظومة العدالة ككل، فضلا عن دفع الجيش بعيدا عن حلبة السياسة، هو نداء للحفاظ على الدولة، هو السبيل الوحيد لتحقيق هيبتها، وليس العكس. أما الملاحظة الأخيرة فى هذا السياق أن الغالبية العظمى من الدول التى تم اتهامها بالتآمر على مصر هلل لها المغالطون حينما اقترب منها النظام وصالحها أو عقد صفقات سلاح معها. فهل يعقد النظام صفقات سلاح مع متآمرين؟ هل يصالحهم؟
ثم تأتى المغالطة السادسة لتحدثنا عن شباب مصر الذى يهدمه ربما عن عمد أو عن جهل. ونسأل هؤلاء من قتل شيماء الصباغ ومئات غيرها طوال السنوات الأربع الماضية؟ هل مازلتم ترددون أسطورة الطرف الثالث؟ هل تمت تحقيقات نزيهة ومحايدة؟ هل تم حساب أحد؟ هل تحمّل النظام مسئوليته؟ من السبب فى قبوع آية حجازى ومئات غيرها، فى الحبس الاحتياطى لما يقرب من تسعة أشهر دون محاكمة؟ من السبب فى إجبار مواطنين مازالوا فى طور الاتهام بنزع اعترافات مسجلة بواسطة الداخلية والتلفزيون المصرى وعرضها فى نشرات الأخبار؟ هل هذا قانونى؟ وإن كان لا فمن نحاسب إذا؟ لماذا يموت محمد سلطان بالتصوير البطىء فى محبسه؟ وما المطلوب من الشباب بعد كل ذلك؟
•••
ثم تأتى أكبر المغالطات وأخطرها: عليكم أن تساعدوا السيسى وتمدوا يدكم إليه فلن يفعل شيئا وحده وقد قالها لكم منذ البداية فلا تلوموه!... حقا؟ بالفعل؟ أسأل: من روج له إذا على أنه أسطورة شعبية مقدسة ومحمية من الإله لإنقاذ مصر؟ من ردد أنه لا يحتاج إلى برنامج سياسى بتوقيتات محددة للإنجاز لأنه رجل دولة قوى يعرف خباياها؟ من بذل الغالى والنفيس لتأجيل انتخابات البرلمان بحجة عدم تعطيل الرجل عن القيام بمهامه؟ من يحكم البلاد لشهور بسلطات تنفيذية وتشريعية وبمساندة إعلامية ودعم إقليمى غير مسبوق، من كان ومازال ينصحه بألا يكون له حزب سياسى لأنه لا يحتاج، ما الذى يقيده إذا؟ من الحاكم ومن المحكوم وما هى آليات كل ذلك أيها المغالطون؟
د/ أحمد عبدربه.
الشروق المصرية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق