إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 15 فبراير 2015

الأسباب التي دفعت مصر لشراء مقاتلات “رافال” الفرنسية الباهظة الثمن



بعد أن أكدت صحيفة لوموند، السابع من فبراير الجاري، أن فرنسا على وشك بيع 24 طائرة مقاتلة من نوعي “رافال” وفرطاقة “فريم” لمصر، وكشف الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند (12 فبراير) عن توقيع اتفاق بين باريس والقاهرة تشتري بموجبه مصر طائرات “رافال” ومعدات عسكرية، لتصبح بذلك أول مستورد يشتري المقاتلة الحربية الفرنسية؛ تساءل مراقبون عسكريون عن السر وراء شراء مصر الطائرات الفرنسية رغم اعتماد الجيش المصري على التسليح الأمريكي.

 مراقبون سياسيون قالوا إن السبب ربما هو الضغط على الولايات المتحدة الأمريكية التي عرقلت بيع طائرات إف 16 لمصر وطائرات أباتشي ثم أفرجت عن الأباتشي لتساهم في قمع مقاتليمصر “ولاية سيناء” وحماية أمن إسرائيل من سيناء، خاصة وأن صفقة “رافال” بدأ السيسي الحديث عنها -كما قالت لوموند- منذ 26 نوفمبر الماضي خلال زيارته الأخيرة إلى باريس، في ذروة الخلاف المصري الأمريكي.


وفي سياق تعليقها على تلك الصفقة؛ قالت صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية (الخميس 12 فبراير): “إن الكثيرين تساءلوا عن الأسباب التي دفعت مصر لشراء مثل هذه المقاتلات الباهظة الثمن“، وأوضحت أن: “قيادات القوات المسلحة المصرية يعتبرون أنفسهم العمود الفقري لهوية الدولة ورخائها، ولذلك فهم يتوقون إلى الـ”بريستيج” -الهيبة والوجاهة- الذي يمنحه لهم التسلح بمعدات متقدمة“.

وأضافت أن: “قيادات الجيش المصري ينظرون بنوع من الغيرة إلى القوى المسيطرة على المنطقة مثل إسرائيل والسعودية والجزائر، حيث تمتلك هذه الدول جيوشًا جوية وتسعى منذ وقت طويل إلى التخلص من بعض أسطولها الجوي من مقاتلات الميراج“.

ومع أن الصحيفة البريطانية نقلت عن “ميشيل وحيد حنا“، المتخصص في شؤون الأمن المصري بمؤسسة “سينشري” بنيويورك the Century Foundation، قوله: “إن قيادات الجيش المصري انزعجوا من تردد الولايات المتحدة في إمدادهم بأسلحة معينة، فهو اعترف: “أن مصر لم تكن قد أقلعت عن استخدام أسطولها من مقاتلات إف-16 بشكل كامل، كما اعتمدت على مروحيات الأباتشي في جهود مكافحة التمرد في سيناء“.

ولكن اعتبر اللجوء إلى طائرة “رافال” له هدفه، “فبالنظر إلى التهديدات العسكرية منقطعة النظير التي تواجهها البلاد، فهي بحاجة إلى قوة سريعة ومجموعة كاملة من القدرات غير المتوافرة في المقاتلات المستخدمة حاليًا“.

 وعادت الصحيفة للقول إن مصر تؤرقها مجموعة من المشكلات الأمنية التي أعاقت تقدمها الاقتصادي، وسيطرة جهاديين على أقصى شمال وأقصى غرب البلاد؛ حيث تواجه تمردًا في شبه جزيرة سيناء، والذي أسفر عن هجمات استهدفت القوات المسلحة.

كما أشارت الصحيفة إلى أن هذه الصفقة تمثل خطوة شديدة الأهمية بالنسبة للرئيس الفرنسي الذي يتطلع إلى إظهار أوراق اعتماده كمؤيد لقطاع الأعمال، آملًا في إطلاق ضربة البداية لنمو اقتصادي وخلق فرص عمل، وكذلك تعديل وضعه الكئيب في استطلاعات الرأي.

وتعد هذه الصفقة: “بمثابة هدية ضخمة لقطاع الدفاع الفرنسي بأكمله، حيث تلعب مجموعة “ثال” لإلكترونيات الدفاع وشركة “سافران” لتصنيع المحركات بجانب نحو 500 مورد أصغر؛ دورًا في صناعة الطائرة رافال“، بحسب فينانشيال تايمز.

توقيع الاتفاق 16 فبراير
وبموجب التوقيع على الاتفاق الذي أعلن عنه قصر الإليزيه؛ سيتم يوم 16 فبراير الجاري في القاهرة، توقيع وزير الدفاع جان إيف لودريان باسم فرنسا على اتفاق تحصل مصر بموجبه على “24 طائرة مقاتلة من نوع رافال” وفرقاطة بحريةمتعددة المهام” في صفقة قد تتخطى 5 مليارات يورو، وتقول فرنسا إن هذه المعدات “ستسمح لمصر بلعب دورها في خدمة الاستقرار بالمنطقة“.

وتعتبررافال” من أكثر الطائرات المقاتلة فعالية وتطورًا في العالم، ويمكنها القيام بعدة أدوار، ويبلغ ثمنها نحو 90 مليون دولار أمريكي.

وقد ذكرت صحيفة” ليزيكو” الفرنسية الاقتصادية أن صفقة طائرات رافال الحربية الفرنسية ستكون في مصر، في أغسطس 2015؛ بموجب طلب السيسي مع الاحتفالات التي ستشهدها مصر بمناسبة افتتاح مشروع  قناة السويس الجديدة، لتحلق في سماء قناة السويس الجديدة، في حين ستبحر الفرقاطة الفرنسية الجديدة بمياه القناة، تحية لمصر بعد الانتهاء من مشروع التوسعة العملاقة.

وألّح الرئيس السيسي يوم 26 نوفمبر خلال زيارته الأخيرة إلى باريس على الطلب؛ باعتبار أنّه “يريد عرض المعدّات الجديدة في أغسطس القادم خلال تدشين توسيع قناة السويس“، وقال للتعبير عن ضرورة إنجاز الصفقة على وجه السرعة: “سأعود لإتمام الصفقة سريعًا“، بحسب لوموند.

وأوضحت الصحيفة أن مصر ستضيف بهذه الصفقة إلى ترسانتها سربًا متطورًا من الطائرات التي يعتمد تسليحها، خاصة على صواريخ “جو- جو” من طراز ميكرا، و”جو- أرضمن طراز 2 إيه إس إم، وخاصة الصواريخ الجوالة الشهيرة “سكالب”.

ويرى مراقبون أن الصفقة الفرنسية خطوة جديدة على طريق تنويع مصادر السلاح المصري، في ظل توتر العلاقات مع واشنطن التي ظلت المصدر الرئيس للسلاح في الجيش المصري لأكثر من 30 عامًا.

وفي شهر ديسمبر الماضي تسلم الجيش المصري 10 مروحيات أباتشي من الولايات المتحدة، بعد أشهر من رفع واشنطن لتعليق فرضته عام 2013، على تسليم القاهرة هذه الطائرات، في 29 أغسطس الماضي وتسليم مروحيات “الأباتشي” لمصر “لتمكين الجيش المصري من التصدي للجماعات الإرهابية في سيناء”، بحسب البيان الأمريكي.

تعاون مصالح مصري فرنسي
وأظهرت الحكومات الغربية، ومنها فرنسا، قلقًا من توقيع عقود مع مصر، خاصة في المجال الدفاعي؛ بسبب الاضطرابات في مصر منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك بعد ثورة يناير 2011. ولكن مع تولي السيسي رئاسة مصر، في شهر يونيو الماضي، تحسنت العلاقات بين القاهرة وباريس؛ حيث يتشارك الجانبان القلق من صعود جماعات متطرفة في ليبيا ومصر.

وشهد عام 2014 عقدًا عسكريًا هو الأضخم بين مصر وفرنسا خلال آخر 20 عامًا؛ حيث شمل الاتفاق بيع أربع فرقاطات بحرية لمصر بقيمة مليار يورو (1.35 مليار دولار).

وقد انتقد “كينيث روث“، المدير التنفيذي لمنظمة هيومان رايتس ووتش المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان حول العالم، ما اعتبره: “بحثًا عن المصلحة من جانب الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند“، وذلك فيما يتعلق بعلاقته مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

واعتبر “روث“، في تغريدة عبر حسابه الرسمي على تويتر، أن الدفء في العلاقة الذي يبديهأولاند” للسيسي سببه “رغبة الرئيس الفرنسي في بيع مقاتلات من ذلك الطراز إلى مصر“، وتساءل روث: “هل كان أولاند شديد الحميمية مع القاتل السيسي ﻷن فرنسا ترغب في بيع 24 مقاتلة رافال؟“.

وسافر مسؤولون فرنسيون كبار مرارًا إلى مصر خلال العام الماضي، كما قام السيسي في نوفمبر بزيارة رسمية إلى فرنسا؛ حيث جرت مناقشات بشأن تطوير أسطول مصر من الطائرات “ميراج” البالغ 18 طائرة، وكانت مصر أول مشتر أجنبي للطائرةميراج” في عام 1981.

تكدس طائرات دون صيانة

وكان تقرير لـ “معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى“، الموالي للوبي الصهيونيإيباك”، قد أشار لشكوى مسؤولين أمريكيين من تكدس المعدات العسكرية الأمريكية من دبابات وطائرات في مصر دون استعمال أو صيانة، وأشار لضعف عمليات الصيانة وكفاءة الطيارين المصريين.

ولكن المعهد قال، في تقرير نشره 16 يناير 2014، إن: “تسليم المزيد من طائرات الهيليوكوبتر ربما يفيد إسرائيل في الحملة ضد المقاتلين الذين مقرهم في سيناء“.

وقال: “في ضوء ما تشتهر به مصر من ضعف الصيانة وقدرات الاستدامة، ناهيك عن مهارات طياريها التي تحيط بهم الشكوك، ربما يكون العديد من المروحيات خارج الخدمة؛ ورغم عدم ورود أي تقارير عن تحطم أي طائرات أباتشي خلال العمليات الأخيرة في سيناء، إلا أن طائرتين نفاثتين -من بينهما واحدة من طراز إف 16- تحطمتا أثناء التدريبات خلال الأشهر الأربعة الماضية وحدها“، بحسب ما قال التقرير الأمريكي.

وقال تقرير “معهد واشنطن” إنه، وفقًا لروايات الجيش المصري، قتلت هذه المروحيات 184 مسلحًا حتى يناير 2014، وإن مصر حصلت على 35 من هذه الطائرات من الولايات المتحدة منذ عام 1995، ودفعت 164 مليون دولار من “التمويل العسكري الخارجي” مقابل الطائرات العشر التي جرى تعليق استلامها، أو ما يقرب من ثمن الشراء بالكامل البالغ 171 مليون دولار.

وأضاف: “تمثل تلك الطائرات العشر الأخيرة أهمية في ضوء عدم وضوح العدد الصالح للتشغيل من بين الطائرات الـ 35 الأولية“.

وسبق لـ “ستيفن كوك“، الخبير بشؤون مصر، وخبير معهد العلاقات الدولية المقرب من دوائر صنع القرار الأمريكي، أن تحدث بصورة سلبية للغاية عن الجيش المصري أوائل 2013؛ مشيرًا إلى أن الشريك الأمريكي ينظر إلى كفاءة الجيش المصري القتالية بصورة تؤكد “التدهور في قدراته“، وأن: “الجيش تحول من عقيدة الدفاع عن الأوطان إلى عقيدة إدارة الثروات وحمايتها من الشعب“.

ونفى خلال حوار تلفزيوني أن يكون الجيش المصـري لا يزال يحافظ على قدرتـه “في خوض حـروب في مستويات عالية“، مؤكدًا: “لا يوجد دليل على أن القوات المسلحة المصرية لديها كفاءة قتالية، وأنهم لا يستخدمون المعدات التي اشتروها من أمريكا بكفاءة عالية، ولا يستخدمونها بصورة صحيحة“.

وأضاف: “كمثال، المصريون لديهم دبابات M1A1 ولكنهم يستخدمونها كقطع سلاح بأرض المعركة، وهذا إهدار للتكنولوجيا. دبابات M1A1 يفترض أن تستخدم في حروب المناورة، لكنهم لا يعلمون كيف يقومون بصيانة هذه الدبابات، ولا تقديم الخدمات اللوجيستية للدبابات التي يتم تشغيلها لفترات زمنية طويلة“.

وزعم أن: “الطيارين المصريين غير معروفين بالكفاءة، بالتأكيد يمكنهم الإقلاع والهبوط، لكنهم ليسوا على درجة كفاءة غيرهم في المهارات الأخرى. هذه ليست قوة قتالية معتبرة، هذا جيش منخرط في مصالحه الاقتصادية الخاصة به، والحفاظ على التحكم في الشعب المصري“.

وقال الخبير الأمريكي: “خلال الوقت الذي كان لدى المصريين جيش مسلح بأسلحة سوڤيتية، وحققوا أكبر انتصاراتهم في التاريخ المصري الحديث، وهو عبور قناة السويس في بداية حرب أكتوبر 1973؛ لم يستمروا في نفس الأداء الجيد في باقي الحرب بعد العبور الذي تم التخطيط له بدقة توحي أنه كانت هناك مشاكل في خوض الحروب“.

وأضاف: “عندما دخلت أمريكا ومصر في هذه العلاقة الاستراتيجية، وعندما بدأت المساعدات العسكرية لمصر في بدايات الثمانينيات؛ كان الهدف تحويل الجيش المصـري إلى قوة مسلحة أمريكيًا، وقوة قتالية أكثر كفاءة، لكن الحقيقة هي أنه على مدى 35 سنة أدى برنامـج المعونة بالأساس إلى تسريح الجيش المصري من الناحية القتالية، وهو ما أدى إلى عواقب غير مقصودة للسياسة وللاقتصاد المصري، والذي يعانيه المصريون الآن؛ لكنهم ليسوا قوة قتال فعالة“.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق