إن الهجوم على المجلة الأسبوعية الفرنسية “شارلى إبدو” , و الذى قام الأخوان كواشى بتنفيذه و أدى لمقتل 12 شخصاً, و فى شرق باريس بضاحية “مونتروج” لقت شرطية مصرعها, و قام بتنفيذه اّمدى كوليبالى الفرنسى الجنسية ذو الأصول الأفريقية, يعتبر من نوعه هو الأول الذى تشهده فرنسا.
– ما هى أسباب تحول الأخوان كواشى من السهر بالليالى الحمراء و رقص “الراب” للقتل باسم الله؟
– من هما أساتذة المنفذ لهجمات باريس جمال بقال و فريد بن يتو؟
ان هذا النوع من الهجمات يقوم بتنفيذها “إرهابيو المنزل” و يعنى هذا الذين تم تربيتهم و تلقى التعليم بفرنسا, و كانت البداية فى عام 1995 مع خالد كيلكال و الذى تسبب فى قتل 8 أشخاص و إصابة 148 أخرون و هذا فى العديد من الهجمات العشوائية بواسطة القنايبل و التفجيرات عن بعد, و محمد مراح قام فى عام 2012 بقتل 7 أشخاص و إصابة 6 أخرون, و الذى كان من ضمن القتلى السبعة 4 يهود و 3 من الشرطة فى هجوم بمدينة تولوز على معبد يهودى.
و شخص من أصول مغربية اسمه مهدى نيموش نفذ فى 24 مايو 2014 فى بروكسل العاصمة البلجيكية بمعبد يهودى حق الإعدام فى 4 أشخاص, و سعيد و شريف كواشى الأخوان اليوم هم متهمان أساسيان فى المجزرة الدموية “شارلي إبدو” و راح 12 شخصاً ضحيه بها, و مما هو جدير بالملاحظة نجد أن هناك دوماً 3 فئات تستهدف بجميع الحوادث التى ذكرناها: رجال شرطة و جيش “بينهم مسلمون دائما”, يهود, و صحفيون.
– سؤال ما السمات المشتركة لهذة الأفعال؟
أستاذ علم الاجتماع السياسى فرهارد خسروخاور, من أصول إيرانية فرنسى الجنسية, يقوم برسم بورتريهات تتعلق بي “إرهابيى المنزل” فى حوار له مع الصحيفة اليومية الفرنسية “لوموند” : تقريباً كلهم من أرباب السوابق و بسبب السرقة أمضوا سنوات كعقوبات بالسجون, و تقريباً جميعهم من جديد ولدوا دينياً و الفكر الجهادى اعتنقوا على يد شيخ أو عن طريق القراءات بالإنترنت أو بواسطة جهاديين أصدقاء لهم, و الجميع سبق لهم بزيارة دولة بها حرب أو أحدى دول الشرق الأوسط مثل: باكستان, أفغانستان, سوريا, و العراق… سمات رئيسية أربعة إذاً: السجن و الجريمة و اعتناق الإسلام الراديكالي و خوض تجربة الحرب.
بالانعزال عن المجتمع و كراهيته يتميزون ذاتياً, دائما ما يقيمون بالضواحىو الفكر المضاد لأغلبية المجتمع يعتنقون, على حد سواء كانوا فرنسيين من أصول مغربية أو فرنسيين أباً عن جد.
هؤلاء المنعزلين فى الضواحى تتحول إقامتهم من أشباه من يعيشون فى “جيتو” , بمرور القوت يتحول لسجن داخلى, و للخروج من هذا السجن السبيل الوحيد هو أن يتم تحويل نظرة كراهية و احتقار الاّخرين لهم لنظرة الخوف منهم.
و فى المقام الأول هم يسعون إلى أفعال سلبية لوصم تمردهم عوضاً عن القيام بالتنديد لما يتعرضون له من عنصرية, و للعلم فأن العديد من أقرانهم تكمن بالمثابرة و العمل من أجل أن تلحق بالطبقة المتوسطة بالمجتمع و الندماج به, و أولئك المعرضون للتهميش و الإيذاء بقسوة شديدة تتحول عندهم الكراهية إلى الافتخار بما يرتكبوه من جرائم فى حق المجتمع, أو أن يتحول لجهادى يعطى لأفعاله و غضبه الصفة المقدسة.
و إلى الانسلاخ يتحول الفردمن هوية ما يعيش فيه كمجتمع, و يكون معه فى قطيعة كاملة و يراه مذنب بالكامل, و هذا قبل أن يقوم بتبنى نوعية من المصطلحات : آثم, زنديق, و من أجل القضية الموت شهيداً, و حتى إن الشخص وجد الصعوبة فى اعتناق تقاليد و عادات المجتمع الجهادى الذى يقوم بإعتناق أفكاره.
و صفة “المجاهد” هو أهم ما يقوم الفكر الجهادى بمنحه أياه و هذا من أجل عقيدة و هو المدافع عنها لأنه فارسها المغوار.. إنه ينشر الرعب و يقتل و الفخر يستمده عندما يقتحم أحد وسائل الإعلام ليعلن خروجه من مرحلة التافه المغمور ليدخل مرحلة الناس تعرفه فيها, لقد قام باستبدال هؤلاء الخوف من أن يموت إلى أن يخوفهم بالموت و هذا ما يكسبهم الشعور بأنهم الأعلى مرتبة.
حياة بومدين:
فى مطلع عام 2012 و اندلاع الحرب السورية الأهلية على نطاق واسع و بالتوازى مع النموذج المنحدر من الطبقةالمهمشة, يظهر لنا فى فرنسا نموذج أخر من الأصول الخالصة الفرنسية من الطبقة المتوسطة, و خلفياتهم الدينية متعددة فنجد منهم اليهود و المسيحيون و البوذيون, و الغريب تجد من الطبقة البرجوازية منهم الفتيات, تروق لهم كلهم فكرة السفر لسوريا و الانضمام لصفوف التنظيمات الراديكالية الإسلامية و التى تقوم ساعية لتطيح بالنظام السورى حكم الرئيس بشار الأسد.
هؤلاء الشباب لهم دافع و هو عمل نموذج مضاد للشباب من حركة مايو 1968 و هم الذين قاموا بالثورة على ما قام به شارل ديجول الرئيس الراحل من إصلاحات سياسية, و كانوا يرغبون فى العيش فى الفوضوية و فى العدمية أن يغرقوا مع الرفض التام للسلطة البابوبة التى كانت ممثلة بالدولة و التى كانت تفرض تدرج و قيود سلطوية من وجهة نظر هؤلاء الشباب لا لزوم لها, و عن الشباب الذى معجب بتنظيم داعش يشعر بأنه يعيش بحياة ليس لها معنى و أن المرأة تقوم بأخذ مكان الرجل أيضاً هؤلاء يرفضون ما قام مجتمعهم بفرضه من قيود عليهم و يرون أنه لا لزم لها, و عاشقون إلى فكرة الإغراق فى الملذات و لا سيما الجنسية منها و هذا ما يقوم تنظيم داعش بتوفيره لهم.
حرية المرأة و إذ كانت جزء مما طلبه الشباب الثائر فى 1968 على ديجول, نجد الآن الفتيات يقمن بالنظر لأولئك الشباب بإعجاب الذين قبلوا فى سبيل قضية ما فكرة الموت, و يضاف على هذا فكرة البحث فى سوريا عن تحقيق العدل المفقود ضد ما يراه الجهاديون من ان النظام مسؤول عن قتل ما يزيد عن 200 ألف شخص, و هنا نجد أن القيم الإنسانية تمتزج بالجهاد المزعوم.
تاريخ الأخوين:
سعيد و شريف كواشى الأخوان يبلغان من العمر على الترتيب 34 و 32 عاماً, و لدا بالعاصمة الباريسية فى المقاطعة 19 فى
يوم 7 /9/1980, و 29/11/1982, لهما أخت و أخ أصغر منهما سناً, و فى عام 1994 توفى الوالد, وضعوا جميعاً فى عام 2000 بدار رعاية للأيتام, و فيها سعيد حصل على دبلومة بالسياحة و الفنادق, بينما حصل شريف على شهادة بالتربية الرياضية.
و شريف كان معروفاً بكراهيته و عدائيتة الشديدة لليهود و فى العديد من الوقائع المتعلقة بالسرقة فى حى “بوت-شومون” فى باريس من محلات اليهود قبض عليه, و فى قضايا التهريب و المخدرات دخل السجن.
و فى عام 2003 ظهر شغفه بالجهاد و خاصاً مع الغزو الأمريكي للعراق, و على يد إمام مسجد العدوة فى أحد ضواحى باريس فريد بن يتو, شريف تخلى عن تعاطى المخدرات و رقص “الراب” و العشق لليالى الحمراء و فتيات الهوى, و استهواه الاستشهاد و دورس الجهاد.
يذكر أن فريد بن يتو يرجع إلى أصول جزائرية و قام بأنشأ جماعة أشتهرت بالصحافة الفرنسية باسم خلية “بوت-شومون” , و التى قامت باستقطاب شباب تحت سن 25 سنة بغرض الانضمام لهم و الذى فى هذا الوقت عرف باسم تنظيم القاعدة ببلاد الرافدين و تحت قيادة أبو مصعب الزرقاوى الأردنى, و هذا قبل أن يتم تحويلها حالياً و بقيادة أبو بكر البغدادى تنظيم داعش “تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق و الشام”.
و مرة أخرى قدم أعضاء الخلية للمحاكمة فى مارس 2008, و من بين الأسماء التى مثلت أمام القضاء كان: محمد العيونى, و تامر بوشناق, و شريف كواشى, و أبوبكر الحكيم, و على كواشى تم الحكم عليه 3 سنوات سجن, من ضمنها مع إيقاف التنفيذ 18 شهراً, و لأن فترة الحبس الاحتياطى له كانت تغطى ما هو مقرر من مدة الحبس خرج من السجن.
و مباشراً بعد أن خرج شريف كواشى من السجن تزوج من فتاة فرنسية و قامت بترك عملها و ارتدت النقاب و بمنزل الزوجية استقرت, و توجه إلى مكة المكرمة شريف و بصحبته زوجته لأداء فريضة الحج فى نوفمبر 2008.
سعيد كواشى الأخ الأكبر عن الأنظار اختفى و لسبب ليس معلوم, و الأمن الداخلى رصد فى أبريل من عام 2010 زيارة قام بها شريف كواشى فى مقر الإقامة الجبرية لجمال بقال, حيث ان السلطات كانت قبل انتهاء العامين و هى مدة العقوبة قد أطلقت سراحة, و السلطات فى مايو 2010 قامت بتوجيه تهمة لشريف كواشى و هى المشاركة بتخطيط لتهريب الفرنسى من أصول جزائرية إسماعيل عيط على بلقاسم و الذى كان أيضاً بالسجن مدى الحياة محكوم عليه للمشاركة فى عاك 1995 بأعمال إرهابية, و النيابة العامة افرجت عن شريف كواشى فى 26 يوليو من عام 2013 لعدم كفاية الأدلة, و لم يسمع أحد عن الأخوين كواشى شئ منذ 2013 حتى حدث الهجوم على الصحيفة “شارلى إبدو”, و لعد تنفبذ الهجوم مباشرةً كشف فرانسوا مولان نائب عام باريس عنه أنه فى عام 2011 قام أحد أو كلا الأخوين بالسفر إلى اليمن, و أثقل هناك المهارات القتالية و القيام بالمشاركة فى مدينة آبين بالجزيرة العربية فى معارك تخص تنظيم القاعدة, كما مولان أفاد أن الفرنسى ذى الأصول الأفريقية, أمدى كوليبالى, و الذى قام باحتجاز رهائن شرق باريس فى مطعم يهودى قبل أن تقوم الشرطة الفرنسية بتصفيته, قام بتنفيذ تلك العملية بعد التنسيق مع الأخوين كواشى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق